مــر حــبــًا بكم في صحيفة الفهرس الإلكتروني بمركز مصادر مدرسة الخليل بن شاذان للتعليم الأساسي

آخـر الأخـبـار

سياسة الخصوصية

تواصل معنا

أحدث المواضيع

Wikipedia

نتائج البحث

السبت، 28 مايو 2022

قراءة في كتاب عمان واليابان تبادل ثقافي مجهول بين البلدين

عنوان الكتاب: عمان واليابان تبادل ثقافي مجهول بين البلدين: السلطان سعيد بن تيمور في اليابان.
المؤلف: هارو إندو.
المترجم: د.مجدي حاج إبراهيم.
قراءة الأستاذ: فهد الحراصي.
الناشر: ذاكرة عمان.
لقد كان عنوان الكتاب مستفزًا بالنسبة لي وأنا أقلب النظر في ذاكرة عمان؛ لأننا لم نعهد الحديث في مثل هذا الموضوع ولم نتعود على سماعه كثيرًا، بل كان التصور أن العلاقة مع  بلاد الشمس كانت شبه منقطعة إن لم تكن  منقطعة بالكامل، وفي المقابل أننا  نجد الرواة والمؤرخين يطنبون كثيرًا ويسهبون في الحديث عن العلاقات العمانية الأفريقية خصوصا في ضفتها الشرقية  وما تمخض عنها من  تواصل وتواص بين الطرفين، والحديث عن العلاقة التاريخية  مع اليابان يكتنفه كثير من الغموض وقليل من المروجين له وقد يكون السبب في ذلك ندرة المصادر التي تناولت هذا الموضوع وشحها وبالتالي فإن طرق هذا الباب  يبدو غير مسموع لكثير من هواة التاريخ ومحبيه إلا من تخصص فيه.
وممن نبش شيئًا من هذا  التاريخ المجهول الباحث الياباني (هارو إندو) ويبدو أن قربه من بعض المصادر مكّن له أن يسبر أغوار  هذه العلاقة التي ستجدون شيئًا من عصارتها في هذه القراءة.
*قصة الكتاب*
الكتاب صدر باللغة اليابانية ثم الإنجليزية وعندما طُلب من الماليزي الأستاذ الدكتور مجدي حاج إبراهيم ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية ساوره الشك في الجدوى من ترجمة الكتاب ولكن بعدما فرغ من قراءة الكتاب وقف كما يقول :« مشدوهًا من حجم المعلومات المقدمة وعمقها » في الكتاب بل تساءل المترجم عن سبب تأخر  المسؤولين في عمان عن ترجمة هذا الكتاب.
*جغرافية عمان*
في *الفصل الأول* من الكتاب تحدث المؤلف عن جغرافية السلطنة وتاريخها وقد وصفها بأنها جنة الجيولوجيا؛ ولهذا السبب يزورها عدد من الباحثين اليابانيين سنويًا.
في *الفصل الثاني* من الكتاب ذكر الكاتب أن السلطان قابوس أثناء عودته من الولايات المتحدة الأمريكية إلى عمان في سنة 1964م نزل في اليابان وأقام في فندق(أوكورا) لمدة ليلتين.
*اجتماع المدن*
أشار الباحث الياباني لوجود ما يسمى في اليابان ب(اجتماع المدن) وهو نظام يشبه بمقابلة السلطان قابوس لأفراد الشعب العماني في الجولات التي كان يقوم بها السلطان في الولايات العمانية  ويبدو أن عمان سبقت اليابان في هذا النوع من اللقاءات بين أفراد الشعب  والحاكم  بثلاثين سنة كما يقول الباحث الياباني، وقد كان  (هارو إندو) يتطلع إلى عقد لقاء بين السلطان قابوس ورئيس الوزراء الياباني(كويزومي) الذي في عهده ظهر ما عرف ب(اجتماع المدن) ولكن  ذلك لم يحدث.
*(بتروكيبي)*
في *الفصل الرابع* من الكتاب والذي عُنون ب(اكتشاف اليابان العرب) يلجأ الباحث إلى الظن بأن (بترو كيبي) هو أول ياباني يطأ بقدمه أرض العرب بل ويعتقد بأنه وصل إلى مسقط من(غوا) على متن سفينة كانت متوجهة إلى مسقط، أما عن أول زيارة  مسجلة لرجل ياباني إلى عمان فهي لنقيب مهندسي الجيش الياباني الذي رُقَّي بعد ذلك إلى ملازم  ويدعى(نوبويو شي فورو كاوا)  وقد كانت  زيارته قصيرة لم تتجاز تسع ساعات؛ لإن وجهة السفينة كانت إلى بلاد فارس، وتركيا.
كان وصوله الجمعة يوم  الخامس والعشرين من شهر يونيو 1880م على متن السفينة التجارية(سقطرى) وقد وصف مسقط وخليجها الصغير المحاط بجبال صخرية مزودة بمدافع عن يمينها وشمالها.
ومما ذكره(فور كاوا) وجود القصر والقنصلية البريطانية التي دخلها بصحبة القنصل البريطاني(غرانت) المقيم في مسقط، وبعد ذلك توغل إلى وسط العاصمة التي تكلم عن منظرها بأنه غريب جدًا فالشوارع غير المزدحمة يمشي فيها الناس، والخيول، والمنازل مصنوعة من الطوب المجفف، والمحلات التجارية التي تبيع القماش والحبوب والمواد الغذائية كانت بين ضفتي الشارع، المدينة لم يكن بها أشجار، عدد سكان المدينة أكثر من سبعمئة نسمة، يعيش في المدينة أوربيان اثنان فقط هما القنصل المذكور وتاجر إنجليزي.
إن أكثر ما كان يزعج(فوروكاوا) ارتفاع درجة الحرارة في مسقط؛ لأن توقفه فيها  كان في ذروة الصيف، وأفضل شيء فيها الإمدادات الغنية من مياه الشرب، ولعله من الطرافة أن الزائر الياباني كان قد صعب عليه اسم السلطان تركي بن سعيد لذلك كان يذكره باسم(سايتاكي).
*(إيتو)*
بعد ثمانية أيام من مغادرة(فوروكاوا) مسقط  وصلت أول سفينة يابانية إلى مسقط تسمى(هيي) تتبع للقوات البحرية اليابانية وقد التقى طاقم السفينة بالسلطان تركي بن سعيد وهو أول وفد ياباني يلتقي بسلطان عماني 
كان قائد السفينة(إيتو) الذي دوّن في مذاكرته لحظة وصول السفينة إلى الميناء وصعود المسؤولين العمانيين إليها وتقديمهم الفواكه والخراف وغيرها من كرم الضيافة، ويذكر (إيتو) بأن السفينة في صباح اليوم الثاني من زيارتها(4 يوليو1880) أطلقت إحدى وعشرين طلقة تحية للسلطان وردت البنادق العمانية بمثلها من الطلقات
بعد ذلك قام طاقم السفينة بزيارة قصر السلطان وقدّموا زوجًا من المزهريات اليابانية، وكرسين مطليين بالذهب هدية للسلطان، وفي الساعة الخامسة مساءً من نفس اليوم  قام السلطان تركي بزيارة السفينة التي زُينت بالأعلام ابتهاجًا بزيارته وعند عودته اطلقت السفينة إحدى وعشرين طلقة تحية وداع للسلطان، بعد ذلك تم تبادل الرسائل بين الطرفين ومما جاء في رسالة السلطان تركي: «وسنكون سعداء لو جاءت سفينة الإمبراطور إلى هنا »  وفي هذا المقام يعلق الباحث الياباني (هارو إندو) :«أود أن أؤكد هنا أن هذه الزيارة كانت نقطة انطلاق لمرحلة جديدة في سياق العلاقات بين عمان واليابان » غادرت السفينة (هي) يوم السادس من شهر يوليو محملة بهدايا من السلطان وهي التمر والعنب والمانجو ومجموعة من الحيوانات العمانية.
- *(فوكوشيما)*
مغامر ياباني يدعى (فوكوشيما ) وصل إلى مسقط ٢٦نوفمبر١٨٩٦م لكن سوء الأحوال الجوية وقفت سدًا منيعًا أمامه ولم يستطع الدخول إلى عمان واكتفى برؤية الأعلام ترفرف فوق القصر، وفي هذه الأثناء العصبية وصلت لطاقم السفينة أخبار غير سارة عن تأثر سفينة بخارية من كراتشي بأضرار بالغة بعد أن تعرضت لعواصف قوية في طريقها إلى مسقط هذه الأحداث عجّلت بمغادرة (فوكوشيما)  إلى جوادر كما روى بنفسه هذه الأحداث.
- *(إيتاغا)*
سعت دولة اليابان إلى الحد من تجارة الأفيون التي كانت بلاد فارس منتجة له  وأرسلت(إيتاغا) لحل هذه المشكلة، ويبدو أن مسقط كانت إحدى محطاته من أجل القضاء على هذه الآفة، يقدم لنا(إيتاغا) وصفا لمدينة مسقط التي بدت له جبالها  «منحدرات وعرة من الجرانيت الأحمر أو الأسود  وهي تتصاعد من أعلى  البحر كما لو تم حفرها بمنشار»،
هذا المنظر وغيره جعل من (إيتاغا) يحكم على المشهد بأنه : «مخيف وغير قابل للتصديق».
من جهة الركن الشرقي يقول(إيتاغا): «يستطيع المرء أن يرى المدينة بأكملها»
لقد أبصر أيضا العلم الأمريكي يرفرف فوق أحد المباني؛ بحكم المصالح الأمريكية التي تتمثل في استيراد التمور، بعد يوم واحد غادر المدينة التي لم  يستطع إخفاء إعجابه بالمنظر الجميل والغريب للجبال الصخرية  وانتعاشه بلذة هوائها المنعش الرائع عندما هبت عليه نسائم الهواء العليلة في منطقة رأس الحمراء - كما يظن(إندو) -
_*( شيغا )*
شيغا رحّال وجغرافي ومفكر  ياباني  رست سفينته في المياه العمانية في فبراير سنة 1924 بعد خروجه من الهند كان يعتقد أنه يودع جميع أشكال الحظارة وسوف يدخل في بلاد الظلام، أضف إلى ذلك الشعور بالعداء الذي كان يكنه العرب تجاه الأجانب كما كان يعتقد،؛ لذلك تعلم بعض العبارات الإسلامية مثل :( حي على الصلاة، وحي على الفلاح، ولا إله إلا الله، والله أكبر) وحفظ خمس كلمات عربية وهي :(صديق، أيوا، لا، كم، شيء هذا )، دخل مسقط بزي هندي ولبس حذاء وقبعة لعلها تقيه من حرارة الشمس.
لم يكن الوصف الذي قدمه (شيغا) لمسقط مختلفًا عن سابقيه من اليابانيين لكن بدأ (شيغا ) أنه مصدومًا أكثر من  غيره من طبيعة الجبال المسقطية الذي وجد أن قاموسه اللغوي عاجزًا عن وصف علو وانحدار  هذه الجبال حتى استحضر روح معلمه (واداغاكي) - كما يقول - حتى يلهمه كلمات تناسب ما ترى عينه.
طلب (شيغا) مقابلة السلطان تيمور بن فيصل؛ من أجل تعزيز العلاقات العمانية اليابانية ونقل صورة السلطان الحقيقة للشعب الياباني، لم يجد صعوبة في تلبية طلبه حيث دخل القصر والتقى بالسلطان الذي وصفه قائلا :«... رجل رفيع القامة والمكان في الأربعين من عمره، فاتح البشرة، لديه شارب مقصوص بعناية، يضع على رأسه عمامة ناصعة البياض مصنوعة من الحرير الكشميري »، لقد احتار (شيغا) في كيفية مخاطبة السلطان هل يخاطبه ب(بصاحب السمو) أم ب(صاحب الجلالة )؟ لقد اختار الصيغة الأخيرة لأنها المناسبة لمقام الملوك
كان السلطان تيمور مرحبا بالزائر ورحّب بفكرة النشاط التجاري والصناعي مع اليابان بل إن السلطان وعده بمساعدته إن كانت لديه رغبة في النشر والكتابة عن العرب ووعده بإرسال الصور والمراجع المطلوبة، قدّم(شيغا )   للسلطان مروحية مصنوعة من الحرير وطلب منه التوقيع حيث سلمه السلطان خطابا كتب فيه اسم عائلته وأشار السلطان إلى اسمه في نهاية خطابه وكان ذلك في 28من فبراير 1924م.
- *موقف طريف*
حدث أن صادف (شيغا) موكب زفاف وهو في طريقه للقصر هذا الموكب يتكون من ثلاثين شخصًا وعندما قابلوه التفتوا إليه جميعا وأمعنوا فيه مندهشين من ملامحه غير المألوفه لديهم حينها صعد في صخرة وقد علته النشوة وقام بتردبد  النشيد الياباني والقوم يضحكون عليه من تصرفه العجيب.
- *السلطان تيمور بن فيصل في اليابان*
يبدو أن اللقاء الذي جمع بين السلطان تيمور والرحّالة الياباني(شيغا) كان إحدى الأسباب التي دفعت بالسلطان المستقيل أن يرحل إلى اليابان التي أصبح مهووسا بها فكانت أولى رحلاته لليابان سنة 1935م  وزارها مرة أخرى في السنة التي تلتها حيث أقام في مدينة (كوبي) وتزوّج من امرأة يابانية تدعى(كيوكو أوياما) وقرّر بعد ذلك الإقامة الدائمة في اليابان، وقد لقي خبر زواجه تغطية واسعة من صحيفة(أوساكا شيمبون) اليابانية
رزق السلطان العماني من السيدة اليابانية فتاة تم تسميتها بثينة وكان ذلك يوم العاشر من شهر أكتوبر 1936م
عرف السلطان تيمور بمكانة رفيعة في محل إقامته حيث كان يلتقي بالعرب والمسلمين المقيمين في مدينة (كوبي).
بعد ست سنوات من إقامة تيمور بن فيصل في اليابان حيث عش الزوجية جاءه ولداه السلطان سعيد -وريث عرشه - والسيد طارق  زائرين له أثناء جولاتهم السياحية التي زارا  فيها عدة دول ونشرت صحيفة(كوبي شيمبون ) مقالا بهذه المناسبة تحدثت عن لحظة وصول السلطان سعيد وأخيه إلى اليابان على متن السفينة (هاكوني مارو) حيث كان الأب ينتظر ابنيه على رصيف الميناء وقد اشتدّ شوقه لهما وحانت لحظة العناق وكان الحدث يوم 24ديسمبر1937م، وقد زُيّن رواق البيت وعلقت به مصابيح ملونة في غرفة الجلوس احتفاءً بهما وحدث هناك اللقاء التاريخي بين الضيفين وزوجة أبيهم (كيوكو) وفي هذا المقام يعلق الباحث الياباني(هارو إندو) قائلًا :«ولعلهما حملا أختهما غير الشقيقة بثينة(سيتسوكو)
-المولودة حديثا- في ذراعيهما ».
لم يكن الانطباع الذي تكون لدى السلطان سعيد جيدًا عن اليابان فقد سعى أن تكون زيارته محاطة بشيء من السرية، تضايق كثيرًا من الصحفيين الذي سعوا للظفر بإجراء مقابلات صحفية معه ولكن هيهات فقدكان رافضًا  لمثل هذه اللقاءات حتى وصل به الأمر أن قام بتغير جدول زيارته تفاديًا لمضايقات الصحفيين الذين اقتحموا غرفة السلطان في الفندق الذي كان يقيم فيه.
طلب السلطان من الوفد المرافق له حضور إحدى جلسات مجلس النواب الياباني فكان له ذلك في يومي 25-24 من شهر يناير، وشهد السلطان أيضًا مسابقة للمصارعة اليابانية، ومسرحية كلاسيكية وزار معارض السيارات في طوكيو.
لم تدم السعادة الزوجية بين السلطان وزوجته طويلًا؛ فقد أصيب(كيوكو) بمرض السل الذي حرمها من حضن ابنتها  كما كتبت ذلك بكل أسى في مذكراتها اليومية التي احتفظت بها السيدة بثينة كما ذكرت ذلك الصحفيّة اليابانية(شيمورا) التي زارت عمان والتقت بها
غادرت(كيوكو) الحياة
في الثالثة والعشرين من عمرها وكان ذلك في يوم 23نوفمبر1939 طم وغادر بعدها السلطان تيمور اليابان مع ابنته تاركًا قبر زوجته بعد أن بنى  لها مقبرة في (إنامي تشو، وفي سنة 1978م زارت بثينة قبر أمها ومرت  بالأماكن التي احتضنت ذكريات والديها وتنفست شيئًا من عبق ذلك الزمان الذي ولدت فيه.
*بعد تصفحي للكتاب* وجدت اليابانيين شغفوين بمتابعة الأميرة التي يصفونها بالنصف يابانية فعندما علم رئيس تحرير صحيفة (شوكان أساهي) اليابانية بوجود الأميرة في عمان بثينة عن طريق أحد أصدقائه في أبوظبي حاول أن يجري مقابلة مع الأميرة ولكن لم يكتب لمحاولته النجاح؛لأن العادات العمانية لم تسمح له بإجراء الحوار المنتظر بكونه رجل ومن الصعوبة أن يلتقي بامرأة ولكن الصحفي لم يرفع الراية البيضاء بل انتدب شخصية نسائية لهذه المهمة وهي الصحفيٍة (ميتسوكو شيمومورا) التي اقتنصت فرصة اللقاء مع الأميرة التي طالما وصفت بأن نصفها عماني ونصفها الآخر ياباني وتم ذلك في تاريخ 6 يوليو 1973م حينها أطلعت الأميرةُ الصحفيّةَ شيئًا من مذكرات والدتها اليابانية ولربما كان ذلك اللقاء وغيره  سببًا في زيارة الأميرة لقبر أمها، وقد أتيح للشعب الياباني فرصة التعرف على الأميرة عن طريق سلسلة من القصص قامت بنشرها (شيمورا) في صحيفة(شوكان أساهي) وكذلك في كتابها(الملوك والملكات في الجزيرة العربية)، بل إن الصحف في اليابان واصلت نشر مقالات عن الأميرة ووالديها ففي نوفمبر 2006 طلعت الصحف بعناوين مثل: (زواج وولادة أميرة)،و (كانت مثل ساندرلا)، وفي هذا المقام يعلق الباحث الياباني (هارو إندو) قائلًا :«تحمل هذه المقالات قيمة إخبارية».
والعلاقات بين البلدين بدأت منذ وقت مبكر، وكما يوضح (هارو إندو) : قائلًا «لا توجد دولة عربية أخرى لها صلة أكبر وأقوى من صلة عمان باليابان» ويقول في موضع آخر:« بإمكان عمان أن تصبح رفيقة اليابان في رحلتها طوال القرن العشرين » ويقول في موضع آخر :«بمقدور عمان أن تكون شريكا جيدا لليابان ».
*وأقول* لابد من الاستفادة من التجربة اليابانية في المجال العلمي فعمان تمتلك خامات علمية فائقة  متى ما أعطيت الفرصة أبدعت وتفوقت والامتداد الحضاري لعمان عبر تاريخها الطويل خير شاهد على ذلك وأفضل دليل  تلك البصمات العمانية التاريخية التي لازالت شاهدة على حضارة مدت ذرايعها أينما يممت  - إن كان في عمان أو في تلك البقاع التي وصلتها الصواري العمانية- وتتحدث عن تلك الانجازات التي شارك بها  العمانيون في صنع الحضارة الإنسانية، وأكاد أجزم بأن تلك القوة العسكرية والسياسية التي وصلت إليها عمان ما كانت لتصل إليها لولا أن قوة فكرية وعلمية كانت تحركها وتدفعها وقلعة جبرين التي كانت جامعة زمانها في فترة الإمام بلعرب بن سلطان خير شاهد على تلك الحقبة.
*الباحث كما أراه*
لقد قدّم الباحث الياباني عمان بشكل جذّاب إلى المواطن الياباني بشكل خاص ولمن يقرأ كتابه بشكل عام فعندما عقد الفصل الحادي عشر في كتابه المذكور  تجده بأنه لم يكتفِ بمجرد القراءة عن الأماكن التي روّج لها بل طار إلى مسندم وعايش التيّارات الهوائية والسياسية في مضيق هرمز  وخاض تجربة الحياة في صحراء الربع الخالي في الجزء العماني وقارن بين رمالها ورمال الشرقية ونزل وادي دوكة متتبعًا أشجار اللبان وصعد التلال الصخرية التي تحتضن الكهف الذي كان يخزن فيه اللبان لقد كان شغوفًا ومصمما على رؤية المنطقة التي يزرع فيها اللبان الحوجري-كما يقول- وكان قبل ذلك قد زار قلعة نخل التي تعرّف فيها على رجل عماني عندما همس له بكلمة يابانية(كونيتشيوا) أي كيف حالك؟ وكانت هذه الكلمة سببا في نشوء و امتداد العلاقة بينهما.
*إعجاب الباحث بسلوكيات عمانية*
نحن في عمان والدول العربية عندما نتحدث عن عن مسألة احترام القوانين والانضباط في مختلف مناحي الحياة كثيرًا ما نستشهد باليابان وسلوكيات شعبها
وأنظمتها المعمول بها هناك وهذه الأحكام نطلقها من خلال ما تنقله لنا المنصات الإعلامية كمثل الصورة التي قارن من خلالها الكاتب الياباني (نوتوهارا) في كتابه المعروف  (العرب وجهة نظر يابانية) ولكن لا بد من التوقف عند بعض السلوكيات التي شدّت انتباه الياباني (هارو إندو)  في عمان وتمنى أن لو وجدت في اليابان والحديث هنا عن السلوكيات التي تحدث في الطرقات مثل مساعدة أصحاب السيارات التي تتعطل في الشارع. وإرشاد التائهين ويقول :«جرت العادة أن يُعطي سائقو الشاحنات العمانيون للسيارات من خلفهم إشارة لإخبارهم بإمكان تجاوز الشاحنة بأمان وذلك عن طريق إشعال وامض المصباح الخلفي عندما يكون الطريق خاليًا من السيارات » وكان(إندو) قد كتب هذا الكلام تحت عنوان:(بلد أنفاسها طيبون).

الأحد، 22 مايو 2022

عُمانيُّونَ قولٌ على قول - تلخيص أ/ باسم الكندي.



ملخص كتاب:
 عُمانيُّونَ قولٌ على قول ✨ في BBC.
- فكرة: محمد بن حميد بن عبدالله الطوقي
- جَمعُ وتقديم: محمد بن عامر العيسري
- دار النشر: ذاكرة عُمان/مسقط/سلطنة عُمان
- الطبعة: الأولى( 1442 ه / 2020)
- عدد الصفحات: 173
🔸 في المقدمة يُبيَّن محمد بن عامر العيسري الذي جَمَعَ وقَدَّمَ مادة هذا الكتاب قصّته مع صاحب فكرة هذا الكتاب وهو الأديب الوالد محمد بن حميد بن عبدالله الطوقي وشغفه بالأدب والتاريخ ونشأته التعليمية منذ الصغر في قرية السباخ بولاية إبرا ودوره في تأسيس مكتبتها العامة عام 1986 م وعلاقته بالمجالس الأدبية والسبلة والمسجد من حين لآخر. 
- كان للنشأة التعليمية للطوقي والتي بدأت في حلقات العلم بقريته، كما كان لسفرِه إلى أفريقيا بداية شبابه واتِّصالِه بعدد من مُحبي الأدب فرصة مواتية لبداية قصته مع برنامج (قولٌ على قول)، حيث صاحبته فكرة عَمل هذا الكتاب طوال عقدين من الزمن وذلك منذ تَعرّفه على أرشيف جدّه الذي تضمّن آلاف الوثائق من مكاتبات وحجج شرعية وسجلات قام بتوثيقها جدّه بكل عناية، كما كانت لاهتمامات والده العلمية والأدبية دورٌ في تنمية هذا الجانب. 
🔸 لِهذا يأتي هذا الكتاب استرجاعًا لشيء من ذاكرة برنامج( قولٌ على قول) لصاحبه الأديب والإعلامي الفلسطيني حسن سعيد الكرمي والذي بُثَّ عبر إذاعة لندن ( BBC)، قام بعدها الكرمي صاحب هذا البرنامج بإعادة تقديمه في كتابٍ نفيس قوامُه اثنا عشر سِفرًا، لَيجدَ فيه الطوقي ضالته ليستخرج منه شيئًا من سطور ذكرياته مع الأدب.
🔸 بدأ العمل في تكوين مادة الكتاب والاتفاق على جمع أسئلة كافة العمانيين الذين راسلوا برنامج ( قولٌ على قول) في ضوء الكتاب الذي أصدَره الكرمي عن برنامجه هذا، وبعد تتبع لمادة الكتاب بأجزائه الاثني عشر تم رصد (67) سؤالًا وجَّهَها العمانيون من بلدهم ومن مهجرهم في بلدان الشرق الأفريقي، وبعد هذه المقدمة تضمّن الكتاب بعض العناوين وهي: 
1️⃣ حسن الكرمي وقول على قول : وفي هذا العنوان تعريف بالأديب والإعلامي الفلسطيني حسن سعيد الكرمي الذي وُلِدَ بمدينة طولكرم عام 1905م ودرس الابتدائية فيها، ثم انتقل إلى دمشق حتى أكمل الثانوية، ليلتحق بعدها بالكلية الإنجليزية في القدس عام 1925 م، ثم سافر إلى لندن ودرس التربية والتعليم بين عامي 1937-1938م ، ثم اشتغلَ بالتدريس بين المدارس والكلية العربية بالقدس، كما عمِل مفتشًا إداريًا في إدارة المعارف في القدس، وبعد نكبة فلسطين عام 1948 م التحق بالقسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية مراقبًا لغويًا حتى عام 1986 م حين أُحيلَ للتقاعد. 
- خلال عمل الكرمي في الإذاعة البريطانية أعد سلسلة دروس إذاعية لتعليم الإنجليزية، كما قدَّمَ برنامجه الشهير( قولٌ على قول) لمدة تزيد عن 30 عامًا.
🔸 تَرَكَ الكرمي عدد من المؤلفات هي ( قاموس المنار + سلسلة معاجم المغني + كتاب الهادي إلى لغة العرب) كما ترجَمَ أعمالًا عديدة منها: ( التفكير المستقيم والتفكير الأعوج لمؤلفه روبرت ثاولس، والعرب والمسلمون في الأندلس لمؤلفه هنري شارلس لي. 
- تم تكريم الكرمي من قِبَل الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا وقلَّدته وسامًا لخدمته الإذاعية الطويلة، كما مُنحَ الدكتوراة الفخرية من قِبَل جمعية المترجمين العرب عام 2006 م، وكانت وفاته يوم 6 / مايو / 2007 م بمدينة عمَّان بالأردن بعد حياة طويلة قضاها مع الثقافة والأدب. 
2️⃣ قولٌ على قول : هو اسم البرنامج المشهور الذي قدَّمه الأديب حسن سعيد الكرمي وأصبح له شعبية كبيرة، وكانت فكرته تقوم على أسئلة يبعث بها المستمعون إلى الكرمي ويدور كل سؤال حول بيت من الشعر العربي وقائله ومناسبته، ليُجيبُ بعدها الكرمي على هذه الأسئلة بشيءٍ من التفصيل، ولقد ساعدت ذاكرته القوية وقراءته الواسعة في الأدب والشعر في إجابته على هذه الأسئلة، كان البرنامج يُذاع مرة في الأسبوع بداية من عام 1953م وحتى عام 1987م، ونظرًا لشهرة هذا البرنامج فقد أحبَّهُ السامعون وكان من المستمعين إليه الملك فيصل بن عبدالعزيز، وإدريس السنوسي ملك ليبيا، وجمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية، وحملَ البرنامج في بدايته اسم ( لكل مقام مقال ) ثم غيَّرهُ الكرمي إلى اسمه 
( قولٌ على قول ) والذي بقي حتى النهاية. 
3️⃣ عن السيرة الذاتية وحكاية قول على قول بلسان صاحب الفكرة: محمد بن حميد بن عبدالله بن راشد الطوقي، وُلِدَ في قرية السباخ بولاية إبرا في 18 يونيو عام 1950م، نشأ في كنف والديه، ثم سافرَ مع والده وأهله إلى جمهورية رواندا بالشرق الأفريقي ومارس التجارة هناك بين عامي 1968 - 1973م ، واظب حينها على الاستماع للبرنامج الإذاعي (قول على قول) وكانت له أسئلة للبرنامج نُشِرَت في الكتاب الذي أصدره مُقدِّمهُ الأديب حسن سعيد الكرمي، اهتمَّ الطوقي بالأدب والتاريخ واعتنى بجمع أرشيف جدّه من وثائق وسجلَّات وغيرها، كما أسهمَ في تأسيس مكتبة السباخ العامة ببلدته عام 1406 ه / 1986م، كما عَمِلَ في المجال الإداري بإدارة التربية والتعليم بشمال الشرقية بين عامي 1980-1999 م.
4️⃣ حكاية قول على قول : كانت متابعة الطوقي لإذاعة لندن المعروفة ب (BBC) منذ مرحلة مبكرة من عمره فقد كان يستمع للأخبار والبرامج السياسية عبر الراديو في بيته بقرية السباخ والمعروف ب( البيت الحدري) وكانت له محاولات لمراسلة إذاعة لندن وقد احتفَظَ بنماذج منها ونُشِرَتْ ثمانية أسئلة من أسئلته في الكتاب الذي أصدَره مُقدّم البرنامج الكرمي، ولِحُب الطوقي لهذا البرنامج جاءَ هذا الكتاب جامعًا أسئلة جميع العمانيين الذين طرحوا أسئلتهم وقد تولَّى محمد بن عامر العيسري جمع واستخراج هذه الأسئلة. 
🔸 كانت الإذاعات العربية التي يلتقطها العرب العُمانيون في رواندا عديدة وتأتي في مقدمتها وأشهرها الإذاعة البريطانية( إذاعة لندن) وإذاعات أخرى مثل : إذاعة صوت العرب من القاهرة وإذاعة الخرطوم من السودان. 

5️⃣ الأسئلة العمانية في قولٌ على قول : وفيه عرض نماذج لهذه الأسئلة المطروحة ومن أمثلتها👇🏻
---------------------------------
الصفحة 38
----------------------------------
من القائل : 
أرَجُ النسيمِ سَرَى من الزوراء # سَحَراً فأحيا ميّت الأحياء
----------------------------------
محمد بن عامر بن سلطان البطاشي/ كروندو-بروندي
----------------------------------
        ( ابن الفارض)
هذا البيت مطلع قصيدة لابن الفارض، من بين قصائده العديدة التي
كان يتغزل فيها بالحضرة الإلهية. وتقع القصيدة هذه في خمسـين بيتاً.
وابنُ الفارض يُكثر من ذكرِ الأماكن تشوقاً لها، فهو يقول في هذه القصيدة مثلاً:
وإذا وَصَلْتَ أُثَيـْلَ سَـلْعٍ# فالنَّقَا فالرَّقْمَتَيْن فَلَعْلَعٍ فَشَـظاء. 
وكـذا عـن العَلَمَيْـن مِن شَـرْقِيّة# مِلْ عادلاً للحِلَّةِ الفَيْحاء. 
يا ساكني البطحاء هـل من عودةٍ# أَحْيـَا بهـا يا
يا ساكني البطحاء. 
ومن قصيدة أخرى يقول:
هلْ نارُ ليلى بَدت ليلاً بِذي سَـلَمِ# أمْ بـارقٌ لاحَ في الـزَّوراءِ فالعَلَمِ.
أرواحَ نعمـانَ هلاَّ نسـمةٌ سـحراً#ومـاءَ وَجْـرَةَ هـلاَّ نَهْلَةٌ بِفَمِ.
يا سائقَ الظَّعْنِ يطوي البِيدَ مُعْتَسِفاً# طيَّ السّـجِلّ بذاتِ الرَّندِ مِن إضَمِ.
عُجْ بالحِمى يا رَعـاكَ اللهُ مُعْتَمِداً#خَمِيلَةَ الضَّـالِ ذاتَ الرَّندِ والخُزُمِ.
وقِفْ بِسِلْعٍ وسِلْ بالجزْعِ هلْ مُطرَتْ# بالرَّقمتيـنِ أثيـلاتٌ بمنسجمِ.
إلى آخره.
📝 تلخيص الأستاذ/ باسم الكندي.
🔸 الأحد: 22/5/2022.

الأربعاء، 18 مايو 2022

القهوة والأدب المقاهي الأدبية من القاهرة إلى باريس

اسم الكتاب: القهوة والأدب المقاهي الأدبية من القاهرة إلى باريس.
المؤلف:جيرار جورج لومير.
المترجم: د. مي محمود.
قراءة: فهد الحراصي.
تمثل القهوة حضورا قويا في المشهد الاجتماعي وليس أقل منه كذلك في المشهد الثقافي إذ كان ارتباطها بالثقافة والأدب ارتباطا قويا فقد كانت تدور الحوارات الأدبية  كما تدور كؤوس القهوة وفناجينها في المقاهي التي أخذت صفة الأدب ومن تناول موضوع العلاقة بين القهوة والأدب الكاتب الفرنسي (جيرار جورج لومير١٩٤٧-٢٠١٧ ) تناول في كتابه أشهر المقاهي الأدبية  في بلاده فرنسا ومصر والجزائر والمغرب  وفي هذه الأسطر أقدم قراءة مختصرة لكتابه الذي أطلق عليه  (القهوة والأدب المقاهي الأدبية من القاهرة إلى باريس).
*ظهور القهوة*
يذكر الباحث عدة أقوال في ظهور القهوة منها قصة الراهب الذي أبصر أغناما بهن من النشاط ما يثير الانتباه فأخذ الراهب من تلكم الشجرة يطعمها وهذه الرواية ساقها الرحالة الإيطالي (فوستو فيرون) وبنفس هذه الطريقة في ظهور القهوة ذكر الكاتب (ريشار بردلي) القصة إلا أنه استبدل الراهب براع للغنم وأما بالنسبة لظهور القهوة في البلاد العربية فمعظم الروايات تروح وتغتدي  جهة اليمن وأن شراب القهوة كان يتخذ كمنشط لإتمام الأوراد لبعض الفرق  الصوفية في عدن كما يتحدث الجزيري  الذي استوثق من صحة هذه الرواية من عند القاضي وجيه الدين العلاوي، وكما أن القهوة عانت في العالم الإسلامي في بداية ظهورها  بين محلل ومحرم لها لم تكن القهوة أقل معاناة في دخولها لأوروبا حيث كان الأطباء وأهل الصيدلية يتوجسون منها حيث«تطلب مرور عقود من السنين لكي يصل الترحيب محل عداء العطارين والأطباء  »
وأما عن دخول القهوة للقسطنطينية  فيعتقد المؤرخ العثماني إبراهيم باشوي  أنها دخلت إليها عن طريق تاجرين سوريين هما حكيم وشمس في عام ١٥٥٥م في فترة حكم سليمان الأول وفتحا منزلين يقدمان فيهما شراب القهوة ويظهر من كلام الباحث أن زبائنهم كانوا من مختلف الفئات من ضباط وقضاة وغيرهم ويرجح الباحث أن دخول القهوة إليها لم يمر دون ردود أفعال عدائية وأعمال عنف من قبل المعارضين لشراب القهوة.
*صورة المقاهي*
لم تكن الصورة التي تتناقل عن المقاهي التي تقدم القهوة  بتلك البراءة فقد تم استخدامها لأغراض تتنافى مع القيم والدين والأخلاق حتى وصل الأمر بغلقها بأمر من مراد الرابع على أثر حريق وقع في المدينة اتهمت فيها المقاهي بأنها السبب في ما جرى بسبب المحتوى الذي تقدمه كما يروى ذلك المؤرخ التركي (رياد أكرم كوصو) ولم يكن حظ المقاهي بأحسن حالا في زمن محمد الثاني فقد أمر بحرق المقاهي لأنه ارتاب من دورها السياسي والنقاشات التي  تدور فيها  والمؤمرات التى تحاك ضده.
*مقهى سيرافيم*
من ضمن أشهر المقاهي التركية مقهى سيرافيم وهو مقهى يجتمع فيها الكتاب والمثقفون   وغيرهم وكان حديثهم القضايا السياسية والأدبية  والفنون  خصوصا في ليالي شهر  رمضان   وكان من أشهر الكتاب الذين يرتادون المقهى نامق كمال،وعزيز بك وسيد أفندي وغيرهم ويصف الباحث هذا المقهى قائلا:«إنه حقا مكان مميز ورصين والجميع يتجنب التحدث بصوت  عال» ويواصل الباحث حديثه عن مرتادي المقهى «ولا يأتي أحدهم إلى المقهى إلا بما يليق من الملابس»، ويتضح لنا أن شهر رمضان وفصل الشتاء كانا من أكثر الأوقات التي تزدهر فيها المقاهي بروادها خصوصا بعد صلاة التروايح، ويحدث أن يستدعى صاحب المقهى في شهر رمضان أحد الشعراء الذين ينظمون لغزا يكتب عى قطعة من الورق يعلق على على صندوق فوق باب الدخول ثم يكشف الشاعر عن حل هذا اللغز في نهاية الشهر الكريم، وتختلف أنواع الأشعار المقدمة في هذه المقاهي منها أشعار الحب  ومنها الأشعار الساخرة أو السوداوية«وقد تشكل مادة التنافس بين الشعراء المختلفين الذين يحرصون على الاشتراك في تأليف عمل جماعي عفوي »«وتتجلى السمة الهجائية لهذه الأشعار بوضوح عندما يتبادل اثنان من الشعراء حوارا من سؤال وجواب يتطور ويزداد حدة مع تصاعد نبرة الحديث بين الغريمين حتى يصل الأمر إلى العراك بالكلام إن لم يكن بالأيدي فيهرع صاحب المقهى أو فنان آخر إلى التفريق بينهما ».
*مقاهي القاهرة*
عندما يصل الباحث لمقاهي القاهرة يجعل من نجيب محفوظ مادة ومرشدا لمقاهيها التي استلهم منها نجيب محفوظ روايتها التي كتبهاوبثها بين الناس، ومن بين هذه المقاهي مقهى زقاق المدق ذلك المقهى الذي«رسم فيه خياله مشاهد رواية زقاق المدق » بل إن محفوظ يتحدث بأن هو من أطلق اسما لإحدى المقاهي التي يتردد إليها وهو مقهى عبدو ويعلل ذلك بقوله :«لم أعد أتذكر اسمها الحقيقي » أما مقهى عرابي فكان محفوظ يزوره في كل خميس في طريق زيارته لوالدته وكانت تدور في هذا المقهى نقاشات حادة ويشارك فيها محفوظ بكلام ساخر ويرمي بكلامه الجارح وتعليقاته اللاذعة «وفي هذا المقهى رسم محفوظ شخوص روايته الكرنك في عام ١٩٧١ مستمدا منه تفاصيل الفضاء الذي التقت فيه مصائر  هذه الشخصيات»، وأما بالنسبة لمقهى  الفيشاوي فكان لهو دوركبير  في تاريخ الأدب المصري حيث كان يقصده محفوظ  ويستمتع بما يدور فيه من روح الدعابة التي تميز بها القاهريون.
*مقاهي الأسكندرية*
كان لمقاهي الأسكندرية نصيبها من ارتياد نجيب محفوظ لها «وكان المقهى الذي يجتذبه أكثر من غيره مقهى بترو» وهو نفس المقهى الذي يلتقي فيه بتوفيق الحكيم وكان للجالية اليونانية مقهى يعدونه كأنه مقر رئيس لهم وهو مقهى باسترودي وهو ذات المقهى الذي كان قسطنطين كفافي يقرأ فيه أشعاره على الجمهور.
*المقاهي الفرنسية*
ينقل لنا الباحث عن قسطنطين صاحب (مذكرات محب للحياة) :«الفضل في نشوء الصحف الفرنسية السياسية يعود وبالتحديد إلى فترة انتشار المقاهي العامة »ويتحدث باحث آخر في مجلة (ديوجين) :
«المقاهي أسهمت في ارتقاء الفكر في الحياة الحضرية »
وبشكل عام نستطيع القول بأن :المقاهي في فرنسا كانت صالونات مفتوحة للأدب والشعر والنقد والمناظرات والمناكفات السياسية ومراكز للمعارضة السياسة حتى وصل الأمر بالحكومة الفرنسية أن تزرع الجواسيس في المقاهي الفرنسية بأمر من القائد العام للشرطة الباريسية، ولشدة جاذبية المقاهي لأهل الثقافة والأدب  عمدت المكتبات بفتح فروع لها  في المقاهي أو بالقرب منها، وتوثق إحدى الكتب الصادرة في عام ١٨٠٣ الصورة الباذخة التي تطل المقاهي الباريسية من مرايا وثريات ومرمر وغيرها، والحقيقة أن الباحث أطنب في ذكر المقاهي الفرنسية ولعل من أشهرها مقهى فولتير وفرانسوا الأول ومقهى بركوب ذلك المقهى الذي وصف بأنه حيادي وكان مقصدا للشخصيات «الأكثر شهرة والأكثر أصالة» وكان تدور فيه النزعات الكلامية والنقاشات الحادة والحقيقة بأن هذه المقاهي لم تكن جميعها بنفس التوجه والمحتوى الذي تقدمه حتى ليصل الأمر في مقهى تابوري أن رواده «ينتقلون فيه كالظلال» ويمنع فيه التدخين «ولم يكن أحد يجرؤ على إزعاج صف القراء الصامتين الجالسين على امتداد زجاج النوافذ ».
*من طرائف المقاهي*
ومن طريف ما ذكره الكاتب أثناء حديثه عن مقاهي القاهرة حضور رجال جمال عبد الناصر لأحد المقاهي التي كان يتردد إليها نجيب محفوظ وكان الرجل الموكل إليه بالحضور «ينتفض عند سماعه أسماء كافكا أو بروست وإلى مصطلحات مثل الواقعية والحداثة أوغيرها من لغة الأدب التي لم يكن يفقه شيئا منها  »بل والأطرف  من ذلك أنه كان يطلب من محفوظ أن يساعده في كتابة التقرير الذي سيرفعه إلى الجهات المختصة حتى انكشف أمره وتم طرده
وختاما نستطيع القول أن  الباحث قدم صورة واضحة المعالم عن كواليس المقاهي التركية  والفرنسية وبعض المقاهي العربية إلا أنه  لم يتطرق أبدا إلى بقية  المقاهي الأوربية لغاية هو أدرى بها.

الثلاثاء، 10 مايو 2022

قراءة في كتاب : انتفاء دلالة العلامات الإعرابية - أ/ فهد الحراصي .



قراءة في كتاب : انتفاء دلالة العلامات الإعرابية اسم المؤلف : أحمد سليمان البطوش
قراءة الأستاذ : فهد الحراصي - معلم لغة عربية 
يتحدث صاحب الدراسة في تقديمه للكتاب عن الهدف من الدراسة قائلا :«حاولت هذه الدراسة الكشف عن مواطن انتقاء دلالة العلامات الإعرابية على المعنى في بعض اللهجات، وبعض الظواهر اللغوية في العربية، وبيان ضرورة الاعتماد على قرائن معنوية أخرى بدل هذه العلامات في تلك المواطن. » أما عن سبب طرقه لهذا الموضوع يُخبرنا الباحث في مقدمته للكتاب : «ولعل ما شدني إلى دراسة هذا الموضوع.- مضافا إليه ما سبق- ما أثار
انتباهي من بعض النماذج النحوية فيما يخص أثر العلامات الإعرابية على المعنى، الذي يفهمه المتلقي من الجملة أو التركيب، فولدت تلك النماذج في نفسي شعور بالرغبة لطرق هذا الباب منذ أن دخلت في المرحلة الأخيرة من دراستي الجامعية الأولى» ويعود الكاتب مرة أخرى يُذّكرنا أن من ضمن أهداف الدراسة «هو الكشف عن بعض النماذج اللغوية التي لم يكن للعلامة الإعرابية أي دلالة فيها على المعنى وإلى إعادة النظر من جدبد إلى القرائن المعنوية الأخرى». 
- في التمهيد للكتاب ينقل لنا الباحث تقسيم الراجحي لأركان الإعراب وهي:
١- العامل: وهو الذي يجلب العلامة الإعرابية 
٢- المعمول :وهو الكلمة التي تقع في آخرها العلامة الإعرابية 
٣-الموقع: وهو الذي يحدد معنى الكلمة أي وظيفتها 
٤- العلامة: وهي التي ترمز إلى كل موقع إعرابي للكلمة على ما نعرفه في أبواب النحو عند تصفحنا للفصل الأول من الكتاب ينقل لنا الباحث آراء أصحاب المعاجم في تعريفهم للنحو لغة وهذه الآراء تجمع على معاني الإبانة والإفصاح والإيضاح أما عن معنى النحو اصطلاحا ذكر الباحث مجموعة من الآراء ومن بينها قول الجرجاني :«اختلاف آخر الكلمة باختلاف العوامل لفظا وتقديرا »
-دلالة العلامات الإعرابية
هناك عَلاقة وطيدة بين العلامة الإعرابية والمعنى كما يرى معظم قدماء العربية وممن يذهب لهذا الرأي ابن فارس فهو يرى« أن الإعراب به تميز المعاني » ويقول ابن جني في هذا الباب: «الإعراب هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ » وتأكيدا لهذا الرأي يقول السيوطي في الإعراب «لولاه ما ميز فاعل من مفعول ولا مضاف من منعوت ولا تعجب من استفهام » لكن في المقابل فإن هذا الرأي وُجد من لا يتبناه من القدماء أنفسهم مثل قطرب ومن المحدثين من سار مسار قطرب إبراهيم أنيس صاحب (من أسرار العربية) الذي يرى «أن فائدة الحركات، أو العلامات الإعرابية هو وصل الكلام ببعضه أثناء الحديث، إذ يقول فليست الحركات في رأيي عنصرا من عناصر البنية في الكلام وليست دلائل على المعنى كما يظن النحاة » وملخص الرأي عند إبراهيم أنيس كما يقول الدكتور أحمد سليمان البطوش صاحب الدراسة :«لا يوجد رابط بين الضمة والفاعلية، والكسرة والإضافة والفتحة والمفعولية في اللغات السامية كما شرح النحاة »
ويزيد إبراهيم أنيس على ذلك قائلا إن :« تحريك أواخر الكلام لم يكن في الأصل إلا صورة للتخلص من التقاء الساكنين » وممن تصدى لإبراهيم أنيس مهدى المخزومي إذ يقول :« كيف يفسر الوقف على خالد في لغة من ينتظر؟ ولماذا كانت الدال مرفوعة، ومنصوبة، ومخفوضة في الجمل الثلاث (يعني بذلك الحالات الإعرابية المختلفة لكلمة خالد من رفع ونصب وجر) ولماذا لا تكسر لتنسجم
حركة الدال مع حركة اللام التي قبلها وعليه فإن القول بأن الحركات إنما هي سد للحاجة إلى وصل الكلمات بعضها ببعض، وأنها ليست أعلاما للمعاني، التي قصد إليها المتكلم، قول لم يحالفه التوفيق »
وفي هذا المقام :«يتساءل الباحث إذا كانت الحركات للتخلص من التقاء الساكنين فلماذا تتخلص لهجات العوام اليوم منها، فلا تلقي لها بالا؟ » ثم يعرّج الباحث إلى رأي مصطفى إبراهيم صاحب (إحياء النحو)الذي يأتي رأيه مطابقا لرأي الأكثرية في دلالة العلامات الإعرابية على المعنى «غير أنه زاد فرعا إلى أصل المسألة حين صرّح بجواز حذف الحركة الدالة على المعنى عند الضرورة » غير أن إبراهيم مصطفى يستثنى الفتحة فليست عنده علامة إعراب ولا تدل على شيء فهي حركة خفيفة مستحبة وهنا يتدخل البطوش صاحب الدراسة مذكرا بواقعة (ما أجمل السماء ) وما يماثلها من العبارات، فاللام يمكن أن تحرك بالضمة، أو بالفتحة، والهمزة يمكن أن تحرك بالكسرة، أو بالفتحة، وبالحركة تتغير الدلالة حتما في رأي عامة النحاة.
أما تمام حسان فعنده أن العلامات الإعرابية إحدى العلامات التي تدل على المعاني ويذكر أن هناك قرائن تدل على المعنى مثل الصيغة والربط والأداة والرتبة والمطابقة و التضام والنغمة.
ويختتم الباحث فصله الأول مؤكدا بعدم تجاهل دور العلامات الإعرابية في دلالتها على المعاني ولا ينفي وجود قرائن أخرى دالة على المعنى.،ومنبها بأن سيبويه والخليل هما من ألهما فكرة دلالة العلامات الإعرابية على المعنى.
-ثم يمضي الباحث في دراسته ويختار (التباين اللهجي) عنوانا لفصله الثاني من الكتاب ويعرفه لنا « مما تتميز به لهجة عن أخرى في بعض الأداء داخل اللغة ليس قصرا على جانب اللغة دون الآخر، وإنما يشمل جميع المستويات اللغوية» ومن لهجات العرب العنعنة وهي التي تقلب فيها الهمزة المبدوء بها إلى عين فيقولون في إنك: عنك وفي أذن عذن وغيرها.
ومن مظاهر التباين اللهجي:
١- حذف الحركة الإعرابية: كما في قوله تعالى :« فتوبوا إلى بارئكم» في قراءة أبي عمر بتسكين الهمزة إلا أن سيبويه وابن جني يقولان باختلاس الحركة وليس بتسكينها ويظن الباحث:« أن ما دفع سيبويه. وغيره من النحاة إلى مثل هذا الرأي هو عدم وقوعهم على شواهد من لغة النثر» ويرى أبو حيان في إسكان همزة (بارئكم) على أنها لغة تميم في معرض رده على المبرد.
ويعلق هنا الباحث: بأن النحاة يقبلون هذه اللهجة في لغة الشعر ومنهم ابن جني الذي استشهد ببيت شعري لجرير :
سيروا بني العم *فالأهواز* منزلكم
ونهر تبرى فلا تعرفْكم العرب
حيث سكون الفاء وحقها الرفع. 
 ويعلل الباحث قبول النحاة لهذه الظاهرة في الشعر بقوله: «لأنهم كانوا يرون في لغته خصوصية يفرضها الوزن العروضي في كثير من الأحيان » ومن الأبيات الشعرية التي يستشهد بها في هذا الباب لأبي نخيلة الراجز( شاعر مخضرم عاش في العصر العباسي): 
إذا اعوججن قلت صاحب قوم
بالدو أمثال السفين العوم
حيث سكنت باء صاحب وحقها النصب باعتبارها منادى
٢- نصب الفعل المضارع بلم:
من المعروف عند عامة النحاة وخاصتهم أن لم تجزم الفعل المضارع «غير أن هناك لهجة عربية أخرى أوردتها بعض كتب النحاة تجيز نصب المضارع بلم » بل إن الأمر تعدى إلى تعطيل( لم) فيرتفع الفعل المضارع الذي يأتي بعدها كما في الشاهد الذي أورده الباحث الذي يقول
لولا فوارس من نعم وأسرتهم يوم الصليفاء لم *يوفون* بالجار
٣-جزم المضارع المعتقل الآخر بدون حذف حرف العلة: كما في قول قيس بن زهير 
ألم يأتيك والأنباء تَنْمى= بما لاقت لبون بني زياد
«فقد أبقى الشاعر على الياء من كلمة (يأتيك)بالرغم من أنه سبق بالحرف الجازم لم » 
وهناك العديد من اللهجات التي ساقها الباحث في كتابه 
*موقف النحاة والمفسرين وأهل الشعر من اختلاف اللهجات*
في غالب الأمر أن أهل النحو« يعودون أثناء التوجيه إلى ما نصبوا من قواعد نحوية أما القراء والمفسرون فيلجأون في الغالب إلى المعيار اللهجي... » أما أهل الشعر فيلجأون إلى مصطلح الضرورة الشعرية.
أما في الفصل الثالث من الكتاب فقد طرق الباحث باب الجوار فدخل لمعناه لغة واصطلاحا، حيث عرّفه لغة قائلا « هو ما يدل على محاذاة الشيء والاقتراب منه والتعلق به» وعند حديثه عنه اصطلاحا يقول الباحث :«يبدو أن لفظ الجوار في عرف العلماء كان يدل على معنى عام ينسحب على كل ما حدث فيه تأثير تركيبي في الجملة بسبب الجوار » وذكر الباحث« أن ابن جني فقد كان من أكثر النحاة الذين تحدثوا عن ظاهرة الجوار في مصنفاتهم»
ومن الأمثلة التي ساقها الباحث على شواهد الجوار قول الشاعر:
*كأن نسج العنكبوتِ المرملِ* « فقد جر الشاعر لفظ (المرمل) على الجوار وهو في الحقيقة نعت للنسيج لا العنكبوت»
ومن الشواهد قول الشاعر:
فهل أنت إن ماتت أتانك راحلٌ إلى آل بسام بن قيس فخاطبِ
«فقد عطف الشاعر كلمة(خاطب) على كلمة( قيس) للقرب والمجاورة، رغم أن حقها أن تكون معطوفة بالرفع على كلمة راحل لدلالة المعنى على ذلك. 
ثم ولج الكاتب إلى موضوع (الاتباع) وهو «الاقتفاء ولزم الشيء» لغة أما اصطلاحا فله معنيان :الأول«اتباع الحركة بمعنى أن تؤثر حركة في حركة سابقة أو لاحقة لها» «مثال لذلك كسر همزة (أم) إذا جاءت بعد كسر» 
ويستشهد لهذا النوع بقول الشاعر : 
اضرب الساقينِ إِمِك هابل 
«فقد تأثرت العلامة الإعرابية في كلمة أمك في الميم للتحول من الضمة إلى الكسرة بفعل مجاورتها للهمزة المكسورة التي تأثرت هي الأخرى بحركة آخر ما قبلها» 
أما المعنى الثاني للاتباع فقد عرفه ابن فارس :«هو أن تتبع الكلمة على وزنها أو رويها إشباعا وتأكيدا»
وفي أثناء تصفحنا لأبواب الدراسة وجدنا الباحث في فصله الرابع يكشف عن معنى مصطلح (التوهم) فقال في تعريفه لغة:« يدل على معنى الظن بالشيء، وتمثله أو تخيله... » أما عن معناه الاصطلاحي فلم يورد الباحث تعريفا له مكتفيا بقوله :« فإن علماء النحو لم يتفقوا على اصطلاح محدد له » ومن باب الفائدة وجدت في موقع الألوكة ما نصه عن موضوع التوهم : هو «تفسير تخيلي يضطر إليه النحاة والصرفيون؛ وذلك عن طريق الاستعانة بالمعنى في محاولة للتوفيق وتحقيق الانسجام بين ما قد يظن من خطأ في إعراب ألفاظ بعض التراكيب العربية الفصيحة؛ والتي لا ريب في صحتها، وبين القواعـد النحوية والصرفية، ومحاولة تفسير مجيئها على هذا النظم». 
ومن شواهد التوهم في الأسماء قول الشاعر :
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا يبين غرابها
والشاهد في هذا البيت كلمة ناعب فتعرب « اسمٌ مجرورٌ عطفًا على خبر ليس بتوهُّمِ وجود الباءِ الزائدةِ فيه، وكأنه قالَ: ليسوا بمصلحين ولا ناعبٍ»
أما التوهم في الأفعال فقد أورد الباحث قول الأعشى :
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا
أو تنزلون فإنا معشر نزل
«فهو عند الخليل وسيبويه من العطف على التوهم حيث عطف الشاعر (تنزلون) على أن (تركبوا) لأن المعنى عندهما هو : لأن تركبون فذلك عادتنا أو تنزلون في معظم الحرب فنحن معروفون بذلك »
في الفصل الخامس - الأخير - من الكتاب يصل بنا الكاتب إلى (الحكاية) فينقل لنا معناها اللغوي من المعجم الوسيط :«الحكاية ما يحكى ويقص وقع أو تخيل» أما اصطلاحا فمعنى الحكاية كما يقول الجرجاني :هي «عبارة عن نقل كلمة من موضع إلى موضع آخر بلا تغيير حركة ولا تبديل صيغة.... »
ومن الشواهد النحوية على الحكاية التي ساقها الباحث قول ذي الرمة :
سمعت الناسُ ينتجعون بحرا فقلت لصيدح انتجعي بلالا
فقد أبقى الشاعر كلمة (الناس) مرفوعة كما نقلها ولم ينصبها جريا على القواعد رغم وجود العامل قبلها وهذا على نية الحكاية. ومن الشواهد التي ذكرها الكاتب قول الشاعر:
وجدنا في كتاب بني تميم أحقُ الخيل في الركض المعار
فقد ابقى الشاعر كلمة( أحق)مرفوعة « مع أن ظاهر الحال في السياق يقتضي حركة الفتحة لأن الكلمة في موضع نصب على أنها مفعول به»
وبعد ذلك لجأ الباحث إلى الضرورة الشعرية لكي يوضح لنا فحواها والدواعي إليها ونقل لنا معناها من معجم المصطلحات العربية « على أنها رخص منحت للشعراء كي يخرجوا عن بعض قواعد اللغة للوزن والقافية عندما يعرض لهم كلمة لا يؤدي معناها في موقعها سواها... » أما عن الدواعي إليها فينسب في هذا الباب إلى الزمخشري قوله
«ضرورة الشعر عشر عد جملتها» «قطع ووصل وتخفيف وتشديد»«مد وقصر وإسكان وتحريك» «ومنع صرف وصرف ثم تعديد»
 إما عن الفرق بين الضرورة الشعرية والخطأ اللغوي فقد أجمل لنا الباحث رأي فتحي عبدالوهاب وهو أحد الباحثين المعاصرين قائلا :« إذا توافق وقوع المخالفة اللغوية في النثر والشعر معا فإن ذلك يسمى شذوذا لا ضرورة... » ومن شواهد الضرورة الشعرية قول المتلمس:
آليت حبَ العراق الدهر أطعمه … والحب يأكله في القرية السوس
«فقد أراد الشاعر (على حب العراق ) فحذف (على) ضرورة. ونصب ما بعده لكونه في موضع نصب »
ويذكر في هذا المقام بيت طرفة بن العبد
لنا هضبة لا ينزل الذل وسطها..... ويأوي إليها المستجير فيعصمَا «فقد عطف الشاعر (فيعصما) بالنصب على (يأوي) المرفوع بضمة مقدرة على الياء وهو ما لا يجوز إلا ضرورة»
وها أنا ذا أطوي صفحات هذه الرحلة العلمية وقد قضيت وقتا جميلا بصحبتها والسلام.

ملخص كتاب: المراسلات الفقهية بين الشيخين ( تلخيص الأستاذ/ باسم الكندي ).


ملخص كتاب: المراسلات الفقهية بين الشيخين خميس بن أبي نبهان بن خميس الخروصي وسعيد بن خلفان بن أحمد الخليلي 

- دراسة وتحقيق: خالد بن عبدالله بن سيف الخروصي
- دار النشر : ذاكرة عُمان/مسقط/سلطنة عْمان
- الطبعة : الأولى( 1435 ه / 2014 م)
- عدد الصفحات: 144

🔸 يُشير المؤلف في مقدمة هذا الكتاب إلى ما شهدته عُمان منذ القرن الثاني الهجري من انتشار للمدارس العلمية والفقهية في كثير من الأمصار والبلدان والتي كان لها دورٌ في نشر الوعي الديني وحفظ التراث الإسلامي آنذاك، لِهذا ظهرَت في عُمان بيوت وأسر علمية كان لها دور كبير في نشر هذا الوعي كأسرة الشيخ محبوب بن الرحيل، ثم توالت هذه البيوت في القرون التالية فكانت أسرة المداديون في القرن الثامن والتاسع الهجريين، وفي القرن الثاني والثالث عشر الهجريين ظهرت نماذج من هذه الأسر العلمية من بينها أسرة الشيخ العلامة جاعد بن خميس الخروصي وما اتَّصلَ بهذه الأسرة من العلماء والدعاة والقضاة ومن بينهم مصنّف هذا الكتاب الشيخ خميس بن أبي نبهان الخروصي. 

📗 عَرَّفَ المؤلف بعدها بالشيخ الزاهد خميس بن جاعد بن خميس الخروصي وسيرته وفقًا للآتي: 

🔹 اسمه ونسبه: هو الشيخ الزاهد خميس بن جاعد بن خميس بن مبارك بن يحيى بن عبدالله من نسل الإمام الخليل بن عبدالله بن عمرو بن محمد بن الإمام الخليل بن شاذان بن الإمام الصلت بن مالك الخروصي ووالدته هي السيدة سالمة بنت سعيد بن خلف البحرية، والشيخ خميس هو عاشر إخوته وأصغرهم سنًا وهم نبهان وسعيد وماجد وناصر وعبدالله وسالم ومحمد وخلفان وسليمان. 

-وُلِدَ الشيخ خميس بن أبي نبهان في عام 1209 للهجرة/ 1755م في بلدة العلياء بوادي بني خروص في ولاية العوابي، وقد نشأ في كنف والده الشيخ جاعد بن خميس الذي كان مقصدًا للعلم والعلماء، في هذا الجو تَرعرع الشيخ خميس وأخذ مبادئ العلوم والمعرفة والقرآن الكريم وفي سن الثامنة والعشرين توفي والده ( الشيخ جاعد) لينتقل بعدها أولاد الشيخ جاعد وأسرته من بلدة العلياء متوزَّعين على قرى الوادي فاستقر الشيخ خميس في بلدة ستال (موطن الإمام الصلت بن مالك) حيث كانت هذه البلدة في منتصف القرن الثالث عشر الهجري زاخرة بعدد من العلماء والفقهاء من تلاميذ الشيخ جاعد كالشيخ منصور بن محمد بن ناصر الخروصي صاحب شرح لامية ابن النظر في الحج وغيرهم ومن أشهر الذين عاصرهم الشيخ خميس في ستال الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي والشيخ ربيعة بن ماجد بن سليمان الكندي والشيخ سيف بن ناصر بن سليمان الخروصي صاحب كتاب جامع أركان الإسلام، في بلدة ستال استقرَ الشيخ خميس لمدة عشرين عامًا وسكن ببيته المعروف( بيت المرامي)وكان من أولاده عبدالرحمن وعثمان. 

 - في عام 1257 للهجرة سافر الشيخ لأداء فريضة الحج وقد وثّق رحلته هذه مع ذكر مسائل حول الحج والعمرة في كتاب( خلاصة المنهج في مناسك الحج).


- بعد بلدة ستال استقرَ الشيخ خميس في بلدة العوابي وسكن بيت الجامع وعاش بها حوالي ثلاثين عاما، ثم انتقل إلى وادي المعاول سنة 1288 للهجرة وفي آخر عشر سنوات من عمره فَقَدَ بصره وتوفي عام 1307 للهجرة وقد ناهز التسعين عامًا.


📕 تتلمذ الشيخ خميس في طلبه للعلم على يد من الشيوخ أبرزهم :
1️⃣ والده الشيخ جاعد. 
2️⃣ العلامة المُحقِق ناصر بن أبي نبهان. 

- ومن الشخصيات التي تواصلَ معها الشيخ خميس واستفادَ منها أيضا الشيخ المُحقِق سعيد بن خلفان الخليلي وقد صارت بينهما علاقات مصاهرة. 

- أما تلاميذ الشيخ خميس فقد كان أبرزهم هو الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي. 

📘عاش الشيخ خميس حياةٌ حافلة بالعلم والتواصل مع العلماء والفقهاء في زمانه، ونظرًا لمكانته الرفيعة فقد رُشِّحَ للإمامة في اجتماع علماء عُمان بالرستاق عام 1226 للهجرة إلاَّ أن الشيخ خميس اعتذرَ وقَبِلَ العلماء اعتذاره، كما عُرِفَ الشيخ خميس بالشيخ الزاهد، كما قال عنه الشيخ السالمي بالشيخ الولي.

📒 كان للشيخ خميس إنتاجًا علميًا كما قَدَّمَ خدمات جليلة لحفظ التراث، فالشيخ كانَ له الدور الأكبر في حفظ كُتُب العلامة ناصر بن أبي نبهان والتي زادت عن الثلاثين مصنفًّا، كما كان يشتري الكتب التي جَمعت تراث الشيخ ناصر كَكِتاب قاموس الشريعة للشيخ السعدي وكتاب بيان المشكل، وقد ذكر المؤلف مجموعة من الأعمال والجهود العلمية للشيخ خميس نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

✨تدوين وفاة الشيخ أبو نبهان بنقش حجري على قبر الشيخ. 

✨ جمع وترتيب أشعار الشيخ جاعد بن خميس في سِفر بعنوان : نفائس العقيان في أشعار أبي نبهان. 

✨ المشاركة في تأسيس نسخة فلج العوابي والكتابة فيها وتوثيق البيوعات. 

✨ جَمْعِهِ لأحكام مناسك الحج في سِفر سمَّاه ( خلاصة المنهج في أحكام الحج).

✨ نَسخِهِ لكتاب ( مبتدأ الكشف في علم الصرف) للشيخ العلَّامة ناصر بن أبي نبهان الخروصي. 

✨نَسْخِهِ لكتاب (التيسير في شيء من الصرف اليسير) للعلامة سعيد بن خلفان الخليلي. 

✨ تدوينه لمجموعة من الرسائل الموجّهة من الشيخ جاعد بن خميس الخروصي إلى علماء عصره. 


📘كما احتوت مكتبة الشيخ خميس على الكثير من الكتب والمخطوطات منها : نسخة للمصحف الشريف - كتاب بيان المشكل- كتاب مغني اللبيب من كتب الأعاريب لابن هشام، وغيرها من الكتب. 


📙 بعدها بيَّنَ المؤلف في دراسته لهذا الكتاب بإن أصله عبارة عن أسئلة فقهية أُرسِلَت من الشيخ خميس أو أحد معارفه إلى الشيخ العلامة سعيد بن خلفان الخليلي في الأغلب وبعضها لعلماء ذلك العصر، وقد اجتهدَ الباحث في وضع عنوانه الذي حَمَلَه غلافه، مُبيِّنًا أهمية هذا الكتاب كونه إضافة جديدة لتراث الشيخ المُحقِق سعيد بن خلفان الخليلي، كما أنه يحكي واقعًا للحياة في تلك الفترة وما صاحبها من التطور العمراني الحضاري في البيوت ونظام الأفلاج والرعي في عُمان، كما استعرَضَ الكتاب جوانب التواصل بين العلماء في طلب العلم والمسألة، ثم ذكرَ المؤلف المنهجية المُتَّبعَة في هذا الكتاب المُحقَق والمراجع التي اعتمدها وعرضه للمسائل وأجوبتها. 

📝 تلخيص : باسم الكندي
🔸 الأثنين 9/5/2022.

الأحد، 10 أبريل 2022

المسابقة الثقافية في رحاب القرآن الكريم للعام الدراسي: 2021م / 2022م



إعـــلان إقامة مسابقة ثقافية 

         يعلن مركز مصادر التعلم بالتعاون مع جماعة الدراسات الاجتماعية عن رغبته في تنفيذ مسابقة ثقافية للطلبة المجيدين بالصف التاسع وذلك في يوم الثلاثاء الموافق 12 أبريل 2022م وسيمثل صفوف التاسع الطلبة التالية أسمائهم:

الصف التاسع 1 : معاذ بن محمد السلامي و عبد البارئ بن عادل الكندي و عبدالملك بن حمد الخزيري و سعيد بن حمد الخنجري.

الصف التاسع 2 : سعيد بن يحيى الخصيبي و سالم بن عبدالفتاح البريكي و أحمد بن أنور الكندي، و أحمد بن مسعود الحضرمي.

الصف التاسع 3 : ادهم مختار عبدالحليم ، و عبدالله بن بدر الحراصي، وأسامة بن سعيد الحضرمي، و صهيب بن عبدالله الريامي.

الصف التاسع 4 : أحمد جمال مفرح، و جمال عبدالناصر عبدالرزاق، ومحمد بن عبدالله البحري، و عبدالله بن فهد البريكي.


 


الأربعاء، 6 أبريل 2022

اليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام ( 6 إبريل 2022م )




اليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام 
 يمثل اليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام، الذي يُحتفل به سنويًا في 6 نيسان أبريل، فرصةً للتعرف على الدور الإيجابي الذي تلعبه الرياضة والنشاط البدني في المجتمعات وفي حياة الناس في جميع أنحاء العالم. وكما تعلمون بأن للرياضة القدرة على تغيير العالم، فهي حق أصيل وأداة قوية لتقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز التنمية المستدامة والسلام والتضامن والاحترام. وتقديرًا لمدى تأثيرها الواسع، يركز موضوع عام 2022م على "دور الرياضة في تأمين مستقبل مستدام وسلمي للجميع " بهدف الترويج لاستخدام الرياضة كأداة للنهوض بحقوق الإنسان والتنمية المستدامة. كما تعلمون بأن للرياضة القدرة على تغيير العالم، فهي حق أصيل وأداة قوية لتقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز التنمية المستدامة والسلام والتضامن والاحترام. واليوم، يواجه عالمنا تحديات مختلفة من الفقر والجوع إلى تغير المناخ إلى جائحة COVID-19. وعلينا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، العمل بروح الفريق الواحد لدحر الجائحة، وضمان تكافؤ الفرص في توزيع اللقاح بصورة عادلة، ودعم بعضنا بعضًا للتعافي تعافيًا أفضل من هذه الجائحة.                                 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

السبت، 2 أبريل 2022

اليوم العربي للمخطوط - إرثنا المخطوط في زمن العولمة ( 4 إبريل 2022م )



يوم المخطوط العربي 2022م

إرثنا المخطوط في زمن العولمة

       أَقَـرَّ وزراء الثقافة العرب يوم الرابع من إبريل من كل عام يومًا خاصًا للمخطوط العربي، ودعا الوزراء الدول العربية إلى الاحتفال بهذه المناسبة، وإقامة الفعاليات التي تصب في خدمة هذا الوعاء التاريخي العظيم الذي يمثل رمزًا للحضارة العربية والإسلامية، ومُعَبِّرًا حقيقيًا عنها، كما يحتوي على نتاج العقل العربي والإسلامي على مدى قرون طويلة.

      ويسعى الاحتفال هذا العام إلى جعل هذه المناسبة الثقافية المحتفى بها في كل ربوع الوطن العربي، تفتح درب التشغيل الحضاري لإرثنا المخطوط، من خلال الاستثمار الأمثل للتقنيات والبرامج والحوامل المعلوماتية التي تتيحها لغة عصر العولمة، كما يسعى إلى الكشف عن مضامين هذا الإرث العظيم المُستودع أمانةً تُطوقنا أمام الأجيال المتعاقبة، من لدن عظماء التأليف العربي الذين ينتظرون نفض الغبار عن إشراقاتهم الفكرية، وإماطة اللثام عن نِتاجهم  العالي في مسيرة الحضارة الإنسانية.
        إِنَّ المحافظة على إرث المخطوطات الإنساني المهم وإكسابه عمرًا جديدًا قد يطول لعقود وربما مئات من السنوات، يعطي فرصة نادرة للأجيال اللاحقة للاطلاع على هذه المخطوطات وأن يشاهدوا نماذج من شواهد الفكر والحضارة التي أبدعها أسلافهم مُدَّونةً على مخطوطات باقية كما هي بورقها وحبرها وخطوطها وأغلفتها وزخارفها البديعة تمهد وتسهل إمكانية الاطلاع والبحث في هذه المخطوطات من قبل الباحثين والمهتمين للتنقيب ونقل ما بين السطور الأمر الذي يتيح ظهور ونشر حقائق تاريخية وفكرية وعلمية.
    وهناك العديد من العوامل التي تؤثر في حالة المخطوطات، وتؤدي إلى التلف، كالعوامل الطبيعية والكيميائية والبيولوجية والفيزيائية.
      كما أن هناك خطوات عدة لا بد أن تمر بها المخطوطة المراد ترميمها ومعالجتها، بِدءًا بالتسجيل ثم التعقيم ثم التنظيف بنوعية الجاف والمائي ومعالجة الحموضة والتدعيم والتقوية بالورق واللاصق ثم التجليد وكل هذه الخطوات تتضمن تفاصيل فنية دقيقة.
       إن وجود هذا الإرث الفكري الثقافي العريق يُحتم علينا الاجتهاد من أجل المحافظة عليه وحمايته ليبقى ما بقي الدهر شاهداً على أصالة هذا البلد وعراقته والرقي الفكري الذي كان يتمتع به الأسلاف، وتتمكن الأجيال القادمة الاستفادة منه والانتفاع به.


الخميس، 31 مارس 2022

كلمة مركز مصادر التعلم بمناسبة اليوم العربي للمكتبة ( 10 مارس ).





سلطنة عمان – وزارة التربية والتعليم – المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة جنوب الباطنة 

 مدرسة الخليل بن شاذان للتعليم الأساسي للبنين ( 5 – 9 )

 مركز مصادر التعلم

كلمة مركز مصادر التعلم بمناسبة اليوم العربي للمكتبة ( 10 مارس ).

 

 


البراء بن يوسف بن يعقوب الخروصي الطالب/

 

الحمد لله الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم والصلاة والسلام

على أشرف وأكرم خلق الله أجمعين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:

 ) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ( . صدق الله العظيم.

      يوافق اليوم الخميس ذكرى اليوم العربي للمكتبة، هذه المناسبة التي تأتي في العاشر من شهر مارس    من كل عام، ونحن في كل مناسبة نبين وجهة نظر الإسلام كي يكون القارئ على بينة من أمره.

     من المعلوم أن المكتبات الإسلامية تُعَدُّ من أهم المؤسسات الثقافية التي كان لها دورٌ مهمٌ وكبيرٌ في نشر المعرفة والثقافة بين المسلمين، وقد تعدَّى تأثيرها المسلمين أنفسهم حيث انتقلت آثارها إلى بلاد الغرب.

     إن تاريخ المكتباتِ جزءٌ لا يتجزأ من تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، فقد ارتقت بارتقائهِ وساعدت على ازدهاره، فديننا الإسلامي دعا إلى التعلم والمعرفة وإنارة العقول بالقراءة والكتابة.

     نحن أمة الكتابِ، الأمة التي جعلها الله سبحانه وتعالى خير أمة أُخرجت للناس، فأول كلمة في الوحي الإلهي في القرآن الكريم هي لفظ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، وبالرغم من أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم كان أمياً حين نزول الوحي، إلا أنه امتثل للأمر الرباني فكلّف أصحابه بالقراءة والكتابة، لأن القراءة والكتابة والبحث من أهم الأسس التي تقوم عليها الحضارة.

     إن قراءة الكتب ومطالعتها تشحذ الذهن وتهدي إلى الحكمة والموعظة الحسنة، وَتُطلق اللسان وَتُنَمّي العقل والتفكير، فيها ترسيخ للحقائق وطرد للشبهات، وفيها من العلم والحكمة ما يهدي إلى طريق الخير والرشاد، لذلك فإن الواجب علينا أن نحرص على القراءة والكتابة وأن نشجع أبناءنا على ذلك.

     فالعلم يحتاج إلى التواضع والسكينة، والمواظبة والجدّ والاجتهاد، وهذا هو حال العلماء المسلمين عبر التاريخ، وقد صدق الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي عندما قال:

أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سرْجُ سابحٍ *** وَخَيرُ جَليــسٍ في الزّمــــانِ كِتابُ

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الـمـشـاركـات الشائعة - صحيفة الـفـهـرس الإلكتروني

 

عــن الــمــدون - صحيفة الفهرس الإلكتروني

الاشتراك في خدمة RSS من صحيفتنا

ادخــل بريدك الإلـكـتـرونـي:

تأكيد البريد الإلكتروني بعد الاشتراك

حـقـوق النشر محفوظة لصحيفة الـفـهـرس